رغم صغر حجمه، حيث لم تتعد صفحاته 335 صفحة إلا أن كتاب
"الإسلام يتصدى للغرب الملحد" للدكتور محمد نبيل النشواتي يمثل موسوعة
جامعة لكل شغوف بمعرفة العلاقة بين الغرب بمختلف طوائفه وفلسفاته ودياناته
وبين الإسلام الدين الخاتم والمسلمين (الأمة التي اختارها الله لتكون محل
دعوة الرسالة الخاتمة).
كما يقدم الكتاب نظرة عامة وشاملة لما يدور
في المشهد الغربي من أفكار والعلاقة بين هذه الأفكار وما نعيشه في عالم
اليوم وطبيعة الصراع الذي تمثله هذه الأفكار مع الأفكار والمعتقدات
الإسلامية؛ فالكتاب مقدمة مهمة لكل هذا.
إضافة إلى ما سبق يتميز
الكتاب بسهولة طرحة بحيث يصلح كمقدمة لكل الأفهام باختلاف درجاتها وطبيعة
أشخاص هذه الأفهام، كما يمتاز الكتاب بعصرانية الطرح، ولعل هذا يرجع إلى
حداثة تأليفه، حيث لم يمض على تأليفه إلا ثلاثة أعوام.
والكتاب كما
يشير عنوانه يمثل قاعدة انطلاق يمكن للقارئ من خلالها استيعاب ما يدور في
الغرب، بحيث يستطيع الحصول على كثير من الإجابات لكثير من الشبه التي
يطلقها الغرب عبر ترسانة أفكاره التي يتمترس عليها كتاب وإعلاميون وفلاسفة
في الشرق والغرب.
وقد جاء هذا الكتاب في خمسة عشر فصلا ناقش كل فصل
من هذه الفصول قضية معينة أو فلسفة معينة مع نقد هذه الفلسفة من خلال تصور
إسلامي رصين، وقد دارت هذه الفصول حول العلمانية والإلحاد والمادية
والاستشراق والتنصير والداروينية إضافة إلى قضايا أخرى سنشير إليها في
عجالة في هذه القراءة.
بدأ الكاتب حديثة بعرض موجز حول نشأة الإلحاد
والمادية في الغرب، فتحدث عن الفلسفات الإلحادية القديمة مثل (النظرية
المادية الذرية)، و(النظرية التعددية)، ثم قفز سريعا ليتحدث عن (الفلسفات
الليبرالية الإلحادية)، ومنها إلى (نظرية الخلق الذاتي)، و(المذهب
التأليهي)، إلى غير ذلك من الفلسفات والأفكار الإلحادية كـ(العلمانية،
والشيوعية، والصهيونية، الداروينية) مع بيان الأسباب التي أدت إلى نشوء مثل
هذه الأفكار..
تلا ذلك حديث الكاتب عن حركات التغريب في العالم
الإسلامي، وأهداف هذه الحركات، فبدأ ذلك بالحديث عن الحروب الصليبية وأهداف
هذه الحروب وأثرها على الواقع الإسلامي آنذاك، وأشار في عجالة إلى عدد من
المستغربين العرب أمثال طه حسين، ومحمد حسن هيكل، ومنصور فهمي الذي هاجم
نظام وشريعة الإسلام، وانتقد وضع المرأة المسلمة في رسالته التي أعدها لنيل
درجة الدكتوراه (حالة المرأة في التقاليد الإسلامية وتطوراتها)، إلى غير
ذلك من الأسماء التي كان لها عظيم الأثر في أفساد المجتمع المسلم،
والانحراف به عن الجادة.
ولإكمال الصورة السابقة تحدث الكاتب بعد ذلك
عن الاستشراق، وقد كان من الأولى البدء بالحديث عن الاستشراق بعد حديثه عن
الحروب الصليبية مباشرة، ثم الحديث عمن تتلمذ على يد المستشرقين من
المسلمين وساهم في استيراد أفكارهم وبثها في الداخل الإسلامي والعربي.
لم
يفت الكاتب في ختام حديثه عن الاستشراق والمستشرقين أن يذكر أمثلة
للمنصفين من المستشرقين، حيث بين الكاتب أن كثيرين ممن أدركوا حقيقة
الإسلام من المستشرقين أنصفوا في كتاباتهم واتسمت كتاباتهم بالموضوعية، كما
راح كثير منهم ينشرون هذا الدين الحنيف ودعوا له في أوطانهم، ودرّسوه في
جامعاتهم لأبنائهم ولأبنائنا المبتعثين إليهم، ومن هؤلاء البروفسور
"هارديان رولاند"، المستشرق الألماني "يوهان رايسكه، وغيرهم.
ولأن
الكاتب اعتمد المنهج التاريخي في تأليفه لهذا الكتاب أعقب حديثه عن
الاستشراق بالحديث عن نشوء فكرة التبشير بالنصرانية في العالم الإسلامي،
فبين أنه بعد فشل الحروب الصليبية (1099-1291م) في السيطرة على بلاد
المسلمين وعلى المشرق العربي الإسلامي تبلورت في أذهان الغربيين فكرة
التنصير (التبشير) الذي يرمي ظاهره إلى نشر الدين المسيحي في ديار المسلمين
واستبدال الإسلام بالمسيحية، وبين الكاتب أن هذا ما صرح به يوحنا بولس
الثاني خلال رحلته إلى إفريقية عام (1985م) حيث قال: "إن هدف الكنيسة من
التنصير إيقاف المد الإسلامي في إفريقية، وإنشاء منظمات اقتصادية فيها على
غرار البنوك الإسلامية لمواجهة هذا المد الإسلامي الكبير".
بعد هذه
المقدمة العامة عن التنصير والاستشراق والحروب الصليبية والإلحاد، أخذ
الكاتب في الحديث عن بعض الفلسفات الإلحادية كفلسفة فرويد، والداروينة
والعلمانية والمادية الجدلية الدياليكتية، كما تحدث خلال هذه الفلسفات عن
الصهيونية العالمية المجرمة، وربيبتها "الماسونية"، مع بيان أفكار وأهداف
كل فلسفة من هذه الفلسفات، وجاء ذلك في الفصول من الخامس عشر حتى الحادي
عشر.
ثم جاءت فصول الكتاب الأخيرة من (الثاني عشر حتى الفصل الخامس
عشر) كخاتمة تطبيقية حوت الكثير من الردود على الفصول السابقة التي غلب
عليها الجانب الوصفي التأريخي، فبين الكاتب في الفصل الثاني عشر أن حضارة
الغرب حضارة آيلة للسقوط وقدم الأدلة على ذلك ومما ذكر:
- أن حضارة الغرب مجردة من كافة المعايير الإنسانية الروحية للحضارة.
- أنها حضارة تعادي كل ما هو إسلامي.
- أنها حضارة تعادي الإنسانية وحقوق الإنسان.
- أن حضارة الغرب عجزت عن معالجة أوكار الغدر والقتل والمخدرات والتشرد في بلدان الغرب.
- هذه الحضارة آيلة للسقوط بسبب انتشار الرذيلة والإباحية والأمراض الاجتماعية الأخرى.
في
الفصل قبل الأخير تحدث الكاتب عن أدلة وجود الله تعالى، فبدأ بالقرآن
الكريم، فتحدث عن الوقائع العلمية والأدلة القرآنية الدالة على وجود الله
تعالى، وعرض لنماذج من الإعجاز العلمي في القرآن والسنة النبوية، كالحديث
عن مراحل تخلق الجنين، ومراحل خلق الإنسان، والحديث عن أصل الكون وحركته.
وفي
حديثه عن مسألة حرية التعبير تحدث الكاتب عن الإساءات التي تعرض لها
الإسلام من قبل الغرب والتي كان من آخرها– بحسب تاريخ تأليف الكتاب- مسألة
الرسوم المسيئة للإسلام وللنبي صلى الله عليه وسلم، التي نشرتها إحدى
الجرائد الدنمركية المغمورة، فأخذ الكاتب في تحليل هذه الظاهرة وبيان
أسبابها، ولماذا خرجت من الدنمارك، ثم تحدث الكاتب عن سبل المواجهة التي
بيد المسلمين لمواجهة مثل هذه الإساءات وكيفية استثمارها.
وفي نهاية
حديثه عن مسألة حرية التعبير أشار الكاتب إلى أهمية تفعيل الحوار البناء مع
الأوربيين ومعالجة ما قد يبرز من خلافات ومشاكل بيننا وبينهم بأسلوب يؤكد
لهم أننا على درجة كبيرة من الوعي والفهم والتحضُّر، وعلينا توعيتهم بما
يخص مقدساتنا ورموز ديننا، وإفهامهم مبادئ الإسلام، وأنه دين المحبة
والحرية والسلام، وعلينا أن نبين لهم وبلغاتهم مدى شفافية ديننا الحنيف،
وأن نثبت لهم أنه بحق دين سماوي، وأن الله حق وموجود، وأن في التعرض
لجلالته إثم كبير وجرم عظيم وعلينا أن نثبت لهم وبشكل علمي وعقلي مقنعين أن
القرآن كلام الله، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم بحق رسول الله، وعليهم أن
يعلموا أن التعرض لرموزنا الدينية قد يؤجج ثورة غضب في العالم الإسلامي قد
لا تحمد عقباها، وأنهم ونحن في غنى عنها.
وجاءت خاتمة الكتاب
كبدايته في الحديث عن الإلحاد، لكن المؤلف ختم حديثه هذه المرة ببعض الشبه
الإلحادية مع عرض الردود عليها بشكل مختصر.
اسم الكتاب : الإسلام يتصدي للغرب الملحد
اسم المؤلف : د/ محمد نبيل النشواتي
حجم الكتاب : 5.95 ميجا بايت
لتحميل كتاب الإسلام يتصدي للغرب الملحد إضغط هنــــــــــــــا
لتحميل أفضل وأسرع برنامج لفتح ملفات pdf إضغط هنــــــــــــــا
روابط هذه التدوينة قابلة للنسخ واللصق | |
URL | |
HTML | |
BBCode |
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق